دراسة تناقش الحكم الحضوري والغيابي في المواد الجنائية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الجمعة 2 صفر 1424 هـ الموافق 4 ابريل 2003 حصل الباحث الإماراتي «عيسى مهنا النعيمي» على درجة الدكتوراة في القانون الجنائي من كلية الحقوق جامعة عين شمس المصرية، عن دراسة تقدم بها تحت عنوان «الحكم الحضوري والغيابي في المواد الجنائية». ناقشت الباحث لجنة علمية من الدكاترة: عبد الأحد جمال الدين أستاذ القانون الجنائي بالكلية، أحمد شوقي عمر أبو خطوة أستاذ ورئيس قسم القانون الجنائي بحقوق المنصورة، أحمد صبحي العطار أستاذ القانون الجنائي ووكيل كلية الحقوق بجامعة عين شمس. في بداية المناقشة، التي حضرها جمع غفير من طلبة الحقوق بالجامعة والبعثة الدبلوماسية بالقاهرة تقدمهم محمد سالم السكار الملحق الثقافي لسفارة الدولة بالقاهرة. عرض «عيسى النعيمي» فكرة البحث وأقسامه والنتائج التي توصل إليها مع تقديمه لعدة مقترحات آمل من خلالها أن تدعم موضوع البحث.وأشار إلى أن فكرة البحث جاءت من خلال ملاحظته في أن الحكم الغيابي الصادر في مواد الجنح. والمخالفات يمنح المتهم في شأنه فرصة للمعارضة فيه خلال مهلة محددة وأمام المحكمة نفسها التي أصدرت الحكم، في حين أن المحكوم عليه غيابيا في مواد الجنايات يمنح فرصة مماثلة بأن تعاد محاكمته عند القبض عليه أو تسليم نفسه في أي وقت إلى ما قبل سقوط العفو عنه بمضى المدة. ولذلك فقد بدأت الدراسة بسؤال مهم حاول الباحث الاجابة عنه: وهو لماذا يفرق المشرع الوضعي في المراكز القانونية بين المحكوم عليه غيابيا في مواد الجنح والمخالفات وبين المحكوم عليه غيابيا في مواد الجنايات ؟ وأشار في عرضه الموجز أيضا إلى أنه تم تقسيم الدراسة إلى قسمين رئيسيين يسبقهما مبحث تمهيدي عن المحاكمات الجنائية في القانونيون الروماني والاغريقي، باعتبار أن هذين القانونيون في مقدمة التشريعات الوضعية القديمة التي أثرت المكتبة القانونية في كثير من دول العالم والتي بدورها استطاعت أن تؤثر في العديد من التشريعات الحديثة. بالنسبة للقسم الأول فقد تناول الباحث المبادئ العامة في الحضور أمام القضاء من خلال أبواب ثلاثة خصص الأول لمعالجة فكرة البحث في الشريعة الإسلامية وناقش موضوع الحضور في جرائم الحدود والقصاص والحضور في جرائم التعزير. أما الثاني فشرح فيه نظام الحضور في التشريع الجنائي المقارن وقواعد الحضور في التشريعات الجنائية العربية والتشريع الفرنسي وبينما خصص الباب الثالث لعرض نظام الحضور في التشريعيون الجنائيين المصري والإماراتي، وتناول في هذا الباب بالشرح المفصل أوراق التكليف بالحضور التي تعد واحدة من أهم عوامل وجود الاحكام الجنائية الغيابية، وأيضا أنواع الحضور: الحضور بالذات والحضور التمثيلي وأيضا الحضور الحقيقي والحضور الحكمي. أما القسم الثاني من الرسالة فقد تعرض الباحث من خلاله لثلاث نقاط رئيسية في ثلاثة فصول، أولها هي التعريف بالحكم الجنائي الغيابي وآثار الحكم، حيث تم عرض المقصود بالحكم الجنائي الغيابي وطبيعته وعرض لحالاته، وفي الفصل الثاني طرح فكرة الإخلال بحق الدفاع في الاحكام الجنائية الغيابية وعرض الحلول التشريعية في مواد الجنح والمخالفات عن طريق المعارضة من جهة ثم الحلول التشريعية في مواد الجنايات عن طريق نظام إعادة المحاكمة من جهة أخرى. كما عالج أيضا نظامي المعارضة وإعادة المحاكمة في أنظمة الإجراءات الجنائية المعاصرة. أما الفصل الثالث والاخير والذي تدور حوله الفكرة الأساسية للدراسة،فقد وضع فيه الباحث عيسى النعيمي تنظيما قانونيا مقترحا للمحاكمات الجنائية الغيابية.والذي يقوم على أساس: أن العلة من وجود نظام إعادة المحاكمة في مواد الجنايات ونظام المعارضة في مواد الجنح والمخالفات واحدة وهي صدور حكم جنائي غيابي وأن السبب واحد في الحالتين أيضا وهو ضمان محاكمة عادلة للمتهم وتحقيق الإطمئنان ودعم الثقة في القضاء الجنائي.وأشار إلى أن الفقه الجنائي شن هجوما على الاحكام الجنائية الغيابية تمثل في إهدار مبدأ المواجهة فيما بين الخصوم ن وإهدار مبدأ شفوية إجراءات المحاكمة وأيضا انفراد المحكمة بالحكم واستبعاد الظروف المخففة مع غياب بعض الضمانات الإجرائية وصعوبة وصول المحكمة إلى الحقيقه وإهدار مبدأ الإدانة لأحد دون سماع دفاعه. وقال أيضا في هذا التنظيم المقترح أن المشرع ربط المعارضة في الحكم الغيابي بمسألة الاعلام لشخص المحكوم عليه أو بعلمه وهذا النظام لم يؤد الغرض المطلوب منه، والحكمة من وجود نظام المعارضة لضمان محاكمة عادلة للمتهم سوف لا تتحقق في ظل نظام يكاد يكون عقيما للاعلان. إذ أنه لا يحقق الحد الأدنى من ضمان محاكمه أخرى للمتهم في حضوره. كما أشار أيضا إلى أن نظام إعادة المحاكمة يحقق فائدة مزدوجة بالنسبة للقاضي والمتهم فالقاضي سيطمئن إلى أن الحكم الذي أصدره في غيبة المتهم معرض للبطلان في أي وقت ليعاد نظر الدعوى أمامه من جديد في حضور المتهم. أو في أقل تقدير تمضى مدة السقوط وتنقضي العقوبة، وفي الحالتين يطمئن القاضي إلى تحقيق العدالة وعدم إدانة بريء. أما المتهم فإنه سيطمئن أيضا إلى مثوله مرة أخرى أمام القضاء الجنائي ليحاكم محاكمة عادلة حتى وأن كان حضوره للمرة الثانية مقبوضا عليه. وبذلك يكون نظام إعادة المحاكمة هو أفضل ما إستطاع أن يتوصل إليه المشرع الجنائي بتصحيح ما يكون قد شاب الحكم الغيابي من قصور أو نقص أو خطأ. وقال الباحث في نظامه المقترح أيضا أنه ليس هناك ما يبرر الابقاء على التفرقة التقليدية بين نظامي المعارضة وإعادة المحاكمة، ومن الأجدر البحث عن نظام واحد يطبق بالنسبة لجميع الاحكام الجنائية الغيابية بغض النظر عن جسامة الجريمة. وفي ذلك قدم الباحث اقتراحا جديدا لنظام إعادة المحاكمة بالنسبة لجميع أنواع الجرائم للأسباب التالية. أن الحكم الغيابي بالإدانة لن يضر المتهم، إذ أنه سيضمن له أحد أمرين: أما إعادة المحاكمة وأما سقوط العقوبة بمضى المدة وأن هذا النظام أيضا يفسح المجال لعدالة المحكمة ويحقق ميزة إستحالت تنفيذ الحكم الجنائي الغيابي وهذا في حد ذاته يشكل حلا مثاليا للفقه الجنائي الذي تؤرقه المحاكمات الجنائية الغيابية. وأشار إلى أن نظام إعادة المحاكمة لا يعمل به إلا بالنسبة للأحكام الجنائية الغيابية الصادرة بالإدانة دون تلك التي يبرئ فيها المتهم. كما أن نظام إعادة المحاكمة يكفل إغلاق أبواب الطعن التي تستهلك الكثير من الإجراءات والوقت. وعود إلى النقطة السادسة في التنظيم القانوني المقترح للمحاكمات الجنائية الغيابية، الذي وضعه الباحث « عيسى النعيمي» و أشار فيها إلى أن وجود نظام موحد لإعادة الفصل في دعاوى سبق الفصل فيها غيابيا يحقق العديد من المزايا في مقدمتها تجنب الآثار السلبية التي قد يحدثها نظام المعارضة وتقديم الحل العملي الذي يحقق الطمأنة للفقه الجنائي لإعادة تقييم موقفه بالنسبة لمسألة سقوط الدعوى الجنائية بمض المدة وسقوط العقوبات.

Email