مؤسسة أردنية توفر الفرص للقرويين

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك الكثير مما يمكن تعلمه من المجتمع الزراعي المتعاون والمترابط والذي يحيا اليوم بفضل الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة لديه.

مؤسسة غير ربحية تعمل في مجال السياحة الزراعية في محافظة البلقاء بالأردن تعمل على تمكين الباحثين عن أساليب مبتكرة للاستفادة من مهاراتهم في توفير مصادر جديدة للدخل.

والحديث إلى ردينة حداد، الرئيس التنفيذي لشركة Bookagri هو مثل النقر فوق زر تشغيل آلة للأفكار. فبينما تصف ردينة الأعمال التي تقوم بها المؤسسة غير الربحية التي أنشأتها، والتي تهدف إلى تمكين المزارعين في المحافظة من البحث عن مصادر جديدة للدخل، يتضح أنها تركز على الفرص التي تبتكر مصادر الدخل للمجتمعات الزراعية القروية في كل الأنحاء.

بعض الأمثلة البسيطة تشمل تدريب الشباب، ممن هم على دراية بالفعل بهندسة تنسيق الحدائق وطهي المأكولات المحلية ليصبحوا مرشدين سياحيين وكذلك طهاة محترفين، إلى جانب مساعدة الشابات ممن لديهن الخبرة في رسم الحِنَّة في عرض خدماتهن على السائحين مقابل أجر بسيط.

كذلك تعمل Bookagri على تطوير المنتجات الزراعية التي ينتجها الفلاحون لتصبح أكثر جاذبية في أعين المستهلكين. فإلى جانب توفير سوق للمزارع في أحد المطاعم، وهو ما يؤمن المزيد من الدخل لمنتجي الطعام المحلي، تقوم الشركة بتصميم قائمة بالمأكولات المحلية في المطعم لتوفير مذاق حقيقي للمأكولات الإقليمية إلى الزبائن.

وإذ تعتبر السياحة الزراعية جديدة إلى حدٍ ما في الأردن، لا تزال هذه المؤسسة الاجتماعية تشق طريقها مع مسارات الدخل المتنوعة من مبيعات المنتجات، والجولات السياحية، والإقامة، وورش العمل، وغير ذلك. وقد تعاونت الشركة حتى الآن مع مئات القرويين والمزارعين، وهي مُسجلَّة في المرج منذ عام 2015، لكنها تشتهر الآن باسم العلامة التجارية Bookagri.

ترسيخ الفكرة

إلى جانب المبادرات الاجتماعية، تشتهر حداد بكونها فنانة وهي من أُول السيدات الأردنيات اللواتي عملن مرشدات سياحيات. وقد راودتها فكرة تأسيس مؤسسة غير ربحية بينما كانت تقوم بجولات سياحية في المنطقة، حيث أدركت أن المزارعين المحليين والقرويين لا يستفيدون من السائحين الزائرين لبلادهم.

وتوضح حداد، «شعرت بأنهم يرغبون في سؤالي، لم لا تقومين بإحضار أولئك السائحين إلى مزارعنا؟»

وقد ساعدتها منحة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) في بدء حُلمها، وكذلك الدعم والتدريب المقدم من مشروع نقل التكنولوجيا ودعم الريادة NETKITE، وهو عبارة عن مساهمات من 14 دولة تهدف إلى تقديم الدعم اللازم إلى الشركات الناشئة ومشاركة المعرفة بين دول البحر الأبيض المتوسط.

ومن خلال موقعها الإلكتروني bookagri.com، تتيح الشركة للزائرين فرصة التواصل مباشرة مع المزارعين والمنتجين لحجز جولات ورحلات يومية إلى المزارع، وكذلك توفير الإقامات لليلة واحدة شاملة الإفطار في اليوم التالي مع المزارعين والقرويين.

وتتسم المنهجية التي تطبقها حداد بانخفاض أثرها السلبي على البيئة وذلك بفضل الجولات التي يقوم بها السائحون بين المزارع والقرى المختلفة. وتتساءل حداد هنا: «لماذا نبقى في السيارة بينما يمكننا الخروج إلى الطبيعة؟

النُزُهات التي نقوم بها بسيطة للغاية، ويمكن للجميع القيام بها. عندما تصل إلى هنا، يمكنك التجول في المزرعة، والمشاركة في ورش العمل، ومن ثم متابعة جولتك. الأمر لا يقتصر على زيارة مزرعة واحدة، ولكنه يَمُس المجتمع بأكمله».

بمجرد الوصول إلى المزرعة، يتعلم الزائرون مراحل تصنيع المنتجات، بدءاً من حصادها وصولاً إلى مائدة الطعام، إلى جانب الأنشطة التي تشمل مساعدة المزارعين في الحصاد والزراعة، وكذلك مهارات الطهي مثل صناعة الخبز المفرود المحلي. وتشمل المحاصيل السمسم، والعدس، والحبوب، إلى جانب تربية الماشية للحصول على الحليب واللحوم، بما في ذلك الماعز، والأغنام، والأبقار.

والإوز، والبط، والدجاج. هناك الكثير مما يمكن تعلمه من المجتمع الزراعي المتعاون والمترابط والذي يحيا اليوم بفضل الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة لديه.

تقول حداد، «يساعدون بعضهم البعض كثيرًا. إن حدثت مشكلة ما، يقفون إلى جانب بعضهم. لا يهدرون البتَّة. إن قام أحد المزارعين بشراء وعاء كبير من زيت الزيتون، لن يلقي الوعاء الفارغ في القمامة، ولكنه يحتفظ به ويستخدمه في الزراعة».

لكن هناك تحديات جديدة تواجه المجتمع مع وجود تحولات في التطلعات بعيدًا عن الزراعة.

وتتابع حداد، «الجيل الجديد من الشباب يغادر القرى لتلقي التعليم في الجامعة، ويأملون في الحصول على وظيفة جيدة. ولكن، الوظائف غير متوافرة بالمدينة. هذه مشكلة هنا في القرى، وهناك كذلك. هذا يخلق فجوة كبيرة».

تأمل حداد في سد هذه الفجوة من خلال تشجيع الشباب على البحث عن مهاراتهم والاستفادة بها في مجتمعاتهم، بما في ذلك، على سبيل المثال، تسعة من الشباب الذين يتلقون تدريبهم في الوقت الحالي ليصبحوا مرشدين سياحيين.

«اثنان منهم يحملان درجة جامعية، لكنهما لا يعملان، واثنان آخران لم يكملا المرحلة الثانوية، ولكنهما يعرفان المناطق الريفية جيدًا. لديهم كذلك خبرة في إعداد المأكولات المحلية.

يقومون بإعداد المأكولات المحلية لأصدقائهم بالفعل، ويعرفون كيفية القيام بذلك جيدًا، فلماذا لا يحصلون على مقابل لذلك؟ ينظرون الآن إلى الأمر بطريقة مختلفة تمامًا، فهم يرونها فرصة وربما تصبح هذه وظيفتهم».

فرص جديدة للمرأة العربية

في الوقت الحالي، تعمل حداد على تشجيع النساء ممن لديهن مهارات في صناعة الصابون لبيعه، وتنويع أصناف الصابون، على سبيل المثال، صابون اللبن، وصابون العسل، وصابون البردقوش، والاستفادة من الدعم المقدم من Bookagri في تغليفه.

تقول حداد، «يتم اختبار وضمان جودة كل المنتجات التي نقوم ببيعها، وهي منتجات جيدة مثل تلك التي تجدها في المحال، مع الفارق أن الأولى نسبة كبيرة من ربحها يذهب إلى المرأة».

قدمت المؤسسة كذلك الدعم إلى امرأة أخرى عندما قامت Bookagri بشراء مطحنة أعشاب لتوفير الوقت اللازم لطحن البردقوش والسُمَّاق بعد أن كانت تضطر للذهاب إلى المدينة لطحنهما. وبذلك، تُضاف تجربة طحن الأعشاب إلى خبرات Bookagri، ومن جهة أخرى، تحصل السيدات على المزيد من الأموال من المزارعين الآخرين الذين يستخدمون الماكينة.

الرغبة في دعم المجتمع الزراعي يجذب بشكل واضح انتباه الزائرين، فهناك امرأة شابة تهوى التصوير الفوتوغرافي حصلت على كاميرا مجانًا من أحد السائحين، بينما حصلت أخرى على ماكينة العجين كهدية كي تتمكن من زيادة حجم المخبوزات.

في الوقت الحالي، تتطلع حداد لدخول الأسواق في جميع أنحاء الشرق الأوسط والمناطق الأخرى.

وتقول، «أود توسعة نطاق الأعمال ليس فقط في الهند، والفلبين، ولكن كذلك في تونس، ولبنان، ومصر، ليتسع نطاق انتشار العلامة التجارية والموقع الإلكتروني لـ Bookagri بشكل أكبر في جميع أنحاء العالم».

 باحثة اجتماعية

 

 

Email