المعلم.. استعادة الصدارة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا حديث هذه الأيام يتقدم على الحديث عن التعليم والمعلم. وحولهما تدندن الأصوات، بالمناداة للكتاب، والحث على القراءة. والدعوة لتعويد الصغار على مصاحبة الكتاب، ومصادقة الكلمة، كي تنفتح آفاق المعرفة، ويتسنى الإمساك بزمام المعلومة. كل ذلك استعداد لفتوحات علمية وثقافية تعيد استئناف الحضارة، من هنا، من جزيرة العرب.

حيث كانت البداية العظيمة التي أضاءت الكون بنور الإسلام، وفتحت للعالم آفاق الحضارة وإعمال الفكر وإطلاق ملكات النفس في دائرة مركزها الإنسان وسعادته في الدارين.

كان أسبوعاً للمعلم والتعليم، بدأ بانعقاد منتدى المعلم «قدوة»، الذي أعاد وضع المعلم على رأس أجندتنا التعليمية، موجهاً عدة رسائل. أولها كانت للمعلمين، باعتبارهم المعنيين، بأنهم في صلب الاهتمام، وأن عليهم المزيد من الاهتمام. والثانية للإداريين، الذين ساهمت الكثير من قراراتهم وسلوكياتهم عبر مراحل عديدة في تهميش المعلم والتقليل من شأن الميدان في توجيه السياسة التعليمية والتأثير في مخرجاتها.

والرسالة الثالثة إلى المجتمع، وأولياء الأمور خاصة، الذين كوّنوا صورة نمطية للمعلم هبطت بمهنته ومكانته، فساهمت في جعل مهنة التدريس منفرة للكثير ممن اختاروها ثم هجروها مذعنين غير راغبين، وغير جاذبة للواقفين على مفترق طرق تحديد المستقبل العلمي والوظيفي من خريجين وخريجات عايشوا حال معلميهم ومعلماتهم وحلفوا ألّا يكرروا «خطأهم»!

وخلال المنتدى، ومن خارج قاعات جلساته وورشه، كانت قيادة الدولة من أعلى هرمها تغرد وتصرح محتفية بالمعلمين والمعلمات الأجلاء الذين يعوّل عليهم الوطن للقيام بدورهم المركزي في إعداد أجيالنا الحاضرة والقادمة التي ستحمل عبء إعادة استئناف الحضارة.

وبعد أن طوى المنتدى أوراقه وغادر المشاركون قاعاته، أعاد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ولي عهد أبوظبي، فتح الملف، لينبه الجميع بأن المعلم لم يكن مادة علمية تعرض على الشاشات، ومحاضرات تلقى على المنصات وحسب.

وليؤكد بأن مكانة المعلم ليست بنت يومين هما عمر المنتديات والمؤتمرات، بل هو ملف مفتوح، ومشروع وطني مستدام، وركن في أي خطة أو هدف لتحقيق اختراقات حقيقية في مستوى التعليم في بلادنا. فكانت زيارته الملفتة لمعلمه في سنواته الدراسية الأولى الأستاذ أحمد مندي في بيته، واصطحابه لأولاده في هذه الزيارة، بمثابة التأكيد الذي لا يقبل التأويل حول الدور والمكانة اللذين سيحتلهما المعلم في أي خطة وطنية لتطوير التعليم في دولة الإمارات.

Email