«صواب» يسحق «داعش» إلكترونياً

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في ظل استغلال التنظيمات الإرهابية المتزايد لشبكات التواصل الاجتماعي، يرى مركز «صواب» أن المسؤولية تقع على الجميع لدحْرها فكرياً وعدم السماح لها باستغلالها لتنفيذ أجندتها.

«متحدون ضد التطرف»، هذا هو شعار مركز «صواب» على شبكات التواصل الاجتماعي؛ مركز تأسس عام 2015 بغية التصدي لدعايات وأفكار تنظيم «داعش» والخطاب المتطرف بشكل عام عبر الإنترنت والترويج للبدائل الإيجابية.

ولِدت هذه المبادرة بشراكة إماراتية وأميركية وتهدف إلى «إيصال أصوات الأغلبية الصامتة من ملايين المسلمين وغير المسلمين في جميع أنحاء العالم ممن يرفضون ويقفون ضد الممارسات الإرهابية والأفكار الكاذبة والمضللة التي يروجها أفراد التنظيم.

والتصدي لأيديولوجيته من خلال إغلاق حساباته ودحض أكاذيبه وإظهار حقيقته القبيحة ووقاية الشباب من الانضمام له من خلال الرسائل التوعوية إضافة إلى دعم جهود التحالف الدولي في حربه ضد تنظيم داعش من خلال إبراز دور جميع مجموعات العمل التابعة له».

إماراتيون وأميركيون يعملون جنباً إلى جنب مع مجموعة من الخبراء في شبكات التواصل الاجتماعي والإنتاج الفني. يسعى المركز إلى تأسيس شراكات ليس فقط مع حكومات ووزارات خارجية الدول بل أيضاً مع المؤسسات المتخصصة للتعاون على إنتاج محتوى حملاته.

وعلى سبيل المثال، ضمن جهوده لتأكيد ما يمثله الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كرمز للسلام والمحبة والرحمة ودعوته للتسامح والعدل والمساواة بين البشر جميعاً، قام المركز بالتعاون مع مشيخة الأزهر الشريف، ويقوم المركز بالتشارك بخبراته مع الدول المهتمة وشركات التواصل الاجتماعي ويقدم لها النصح والإرشاد والمساعدة.

في السنوات الأخيرة، لا أحد يستطيع أن ينكر الدور الذي تضطلع به مختلف شبكات التواصل الاجتماعي في حياتنا ومحاربة الإرهاب ليس استثناءً. وسائل التواصل الاجتماعي تعتبر من الأدوات المهمة في محاربة الإرهاب بسبب الانتشار السريع الذي لا يرتبط بحدود معينة والتنظيمات المتطرفة كداعش على سبيل المثال لا تفوتها تلك الحقيقة لتستغلها في عمليات التجنيد وبث الأخبار الكاذبة.

داعش وظّف من 500 إلى 2000 شخص مفرطي النشاط على منصة تويتر وحدها، يكرسون كل وقتهم لبث السموم بشكل متواصل وكل ما يتم إغلاق حساباتهم يقومون بفتح حسابات جديدة. وأدركت شركات التواصل الاجتماعي بأن منصاتها سلاح ذو حدين وبدأت بأخذ المسألة على محمل الجدّ وراحت تحارب وجود المتطرفين على منصاتها.

طالب المجتمع الدولي والمجتمعات على حد سواء هذه الشركات بأن تقف بالمرصاد للأشخاص الذين يستغلونها لنشر القتل والتدمير. النافذة التي تشكلها وسائل التواصل لارتكاب جرائم تعتبر كبيرة جداً، حيث تم حبك العديد من الخطط الإرهابية قبل تنفيذها. كما أن تنظيم داعش يستخدم هذه المنصات لجمع التبرعات والاتجار بالنساء والأطفال وإرسال التعليمات والتوجيهات.

في ظل استغلال التنظيمات الإرهابية المتزايد لشبكات التواصل الاجتماعي، يرى مركز صواب أن المسؤولية تقع على الجميع لدحْرها فكرياً وعدم السماح لها باستغلالها لتنفيذ أجندتها.

كانت أولى الخطوات التي اتخذها مركز صواب بإطلاق حساب على تويتر ثم حسابَين على كل من فيسبوك وإنستغرام لضمان إيصال رسائل المركز لأكبر عدد ممكن من المستخدمين كما نوّع المركز الرسائل من حيث النوع والمضمون.

فعلى سبيل المثال، لا الحصر، فإن المركز يغطي رسائل ذات معالجة اجتماعية وسياسية ودينية وعسكرية وحتى اقتصادية وعسكرية لتظهر الرسالة بشكل مقنع وذي مصداقية. كما يحرص المركز على إضافة المنتج الفني من صور ومقاطع الفيديو القصيرة لما لها من تأثير قوي في إيصال أفكار الرسائل.

وقام المركز بالعديد من الحملات الاستباقية والإرشادية والإعلامية. ومن هذه الحملات، نذكر حملة ركزت على فضح أكاذيب تنظيم داعش من خلال عرض شهادات من المنشقين عنه تحت وسم #أكاذيب_داعش_تفضح. كما أطلق المركز حملة تسلط الضوء على المعاناة التي تعيشها المرأة بسبب «داعش» وحملت وسم #داعش_تهين_كرامتها.

أما الهدف من حملة #أتباع_الضلال، فكان مكافحة جهود داعش في استقطاب المقاتلين الأجانب إلى صفوفها وتحريضها «للذئاب المنفردة» بالقيام بأعمال إرهابية في ديارهم. وحملة #داعش_تسرق_طفولتهم ركزت على الانتهاكات ضد الأطفال في حين ركّزت حملة #خراب_داعش على التدمير الممنهج الذي تمارسه ضد العائلات والإنسانية وحضارتها وإرثها.

وبما أن المركز يؤمن بأهمية الرسائل الإيجابية في تقويض الفكر المتطرف، أطلقت العديد من الحملات في هذا الاتجاه مثل #الوطن_إعتزاز التي شدّدت على الفخر بالأوطان وحملة #رحمة_للعالمين التي سلطت الضوء على الأخلاق العظيمة لشخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحملة #إنجازاتها_تلهمني حول دور المرأة المسلمة والعربية الريادي في بناء المجتمعات وحملة #تستطيع_التأثير حول مساهمة الشباب المسلم والعربي الإيجابية في بناء المجتمعات.

وآخر حملات المركز الاستباقية #في_حكايتها تم اختتامها في 22 من مارس الماضي بغية دحض الروايات المنحرفة التي يروجها تنظيم داعش عن دور ومكانة المرأة؛ نشرت الحملة قصصاً لعراقيات وسوريات ثرْن ضد القهر والاضطهاد كما استعرضت الحملة قصصاً عن الأمهات اللواتي قدمن الحماية لعائلاتهنّ من الإرهاب.

يريد مركز «صواب»أن يطال شريحة عمرية متنوعة، وتأتي النسبة الكبرى حالياً من متابعيه من فئة الشباب من عمر 18 إلى 34؛ ما يعتبر مؤشراً إيجابياً جداً لتأثير رسائل المركز وإحساس الشباب بأنّها تمثلهم، بدون أن ننسى أن هذه الشريحة مُستهدفة من التنظيمات المتطرفة.

كما يركز المركز على الفئة الصامتة التي ترفض الفكر المتطرف. فتشير الإحصائيات الأخيرة بأن 40% من المتواجدين على تويتر مصنفين من الفئة غير الفعالة التي لا تبدي رأيها. ويسعى المركز لتحفيز هذه الفئة وإخراجها عن صمتها لمواجهة رسائل داعش والأكاذيب التي يروج لها.

ولا يغفل المركز الشريحة غير المحصنة التي يمكن تضلِيلها خاصة دينياً حيث تمتلك فهماً سطحياً للمعاني والتفسيرات بالإضافة إلى الذين يشاركون ويتابعون كل الذي تبثه داعش ومثيلاتها والناشطون الذين يروجون ويبررون هذه الأفكار.

تنوّع المواضيع واستهداف مختلف الشرائح، ساهم بحصول المركز على عدد متابعين يفوق التوقعات.,رغم مرور عامَين على تأسيس المركز فقط، ولكن، مقارنة مع المراكز المشابهة، فإن عدد متابعيه والمتفاعلين مع مواده هو الأكبر بكثير وبشكل لافت. فيصل العدد الإجمالي لمتابعي منصات المركز حتى الآن إلى 1.3 مليون.

ويشكل عدد المتابعين أحد المقاييس لمدى نجاح المركز وتحقيقه لأهدافه. ويرى المركز أن هذا النجاح قد تحقق أيضاً من خلال التفاعل الملموس ومدى وعي مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من خلال الردود على حسابات المركز. كما أن المركز يعمل بشكل دوري على تقييم مدى فاعلية رسائله وحملاته ومدى تأثيرها خلال مراجعة دورية باستخدام أدوات التحليل والإحصائيات.

لا شك أن مواجهة دعاية داعش والخطاب المتطرف عبر الإنترنت أمرٌ صعب إلا أن أحد أكبر التحديات كان إخراج الفئة الصامتة عن صمتها في مواجهة التطرف؛ تحدّ استطاع المركز تجاوزه بتوجيه رسائل بسيطة وواضحة ومحددة ساهمت في خلق التفاعل المطلوب.

ويبقى أن الطريق ما زالت طويلة من أجل القضاء على تنظيم داعش والقضاء على تواجده في الإنترنت لاسيما أن هذا التواجد يساعده على كسب مؤيدين في أي مكان في العالم حيث يستغل عدم نضج الأشخاص فكرياً ويغسِل أدمغتهم. ولهذا الغرض، يجب أن يتشارك جميع من ينبذ هذا الفكر في ضخ مواد مضادة ذات رسائل مباشرة تكشف زيفهم وغير مباشرة تدور حول البدائل الإيجابية.

على الرغم من كل هذه التحديات، يتابع مركز صواب نهجه الذي يتبنى المصداقية وسيواصل بثّ المزيد من الحملات ونشر التوعية كما سيركز على الرسائل الإيجابية المليئة بالتفاؤل، خاصة لاستقطاب فئة الشباب الذين يبحثون عن الطريق الصحيح، على حدّ قول مصدرنا.

ولضمان عالم يخلو من هذه الايديولوجية، يتحتم نسج حل مركب من عدة نطاقات، بدءاً بعدم السماح للإرهابيين بالتحكم بالأراضي ودحرهم، مروراً بدعم الجهود المبذولة لمساعدة النازحين واللاجئين وصولاً إلى عدم السماح بانتشار الطائفية التي تعتبر تربة خصبة للتفتت.

* كاتبة متخصصة في الثقافة والمواضيع الاجتماعية

 

 

Email