منتجات مبتكرة في مصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد إدراك الناس أهمية عمليات إعادة تدوير كل ما نستهلكه، ازداد عدد الشركات التي تهتم بهذا المجال، علّها تُساهم باستدامة أرضنا وتقليص التلوث البيئي.

مخلفات ذرة تتحول إلى وقود حيوي أو ألواح، مخلفات سعف النخيل تستخدم من أجل إنتاج الكارينا، مخلفات قصب السكر تتحول إلى أسمدة عضوية، ومخلفات زراعية أخرى يتم تحويلها إلى أعلاف حيوانية.. هذه ليست إلا بعض من الأمثلة التي تكشف كل ما نستطيع القيام به من أجل إعادة تدوير مخلّفاتنا الزراعية.

في عصر، أدرك فيه الناس أهمية عمليات إعادة تدوير كل ما نستهلكه، ازداد عدد الشركات التي تهتم بهذا المجال، علّها تُساهم باستدامة أرضنا وتقليص التلوث البيئي. وليست المنطقة العربية استثناءً حتى لو أنها متأخرة بعض الشيء عن الدول الأخرى.

كثيرة هي أنواع المخلفات الزراعية، من المخلفات الإنتاجية النباتية إلى مخلفات التصنيع الزراعي، مروراً بالمخلفات المختلطة؛ جميعها يُمكن الاستفادة منها بطرق متنوعة مثل إنتاج العلف والبروتين الغذائيّ والوقود الحيوي والخشب والمنتجات اليدوية.

يخبرنا محمود الأمير، المتخصص في تطوير الأعمال أنّ قصة «جذور» بدأت من حوالي 4 سنوات مع مجموعة طلبة في قسم الهندسة في جامعة عين شمس أثناء العمل على مشروع تخرجهم في تصميم ماكينات لإعادة تدوير المخلفات الزراعية وإدخالها في منتجات متنوعة.

وبالتالي بعد التخرج، قامت مجموعة الشباب بإنشاء شركة «جذور» تحقيقاً لمجموعة من الأهداف التي عددها لنا الأمير: استغلال الموارد المهدرة في أهم الصناعات الممكنة، وإيجاد بديل محلي للأخشاب المستوردة، وإبراز الحلول المستدامة البديلة، والحد من التلوث البيئي.

يخبرنا الأمير «بدأت رحلة جذور تحقيقاً لمهمتها في استغلال مورد – جريد نخيل البلح - المهدر والذي يحرق سنوياً بأكثر من 370 ألف طن في مصر فقط، لإنتاج ألواح خشبية ومنها منتجات نهائية بجودة عالية وشكل متميز وطرحها بالأسواق».

ويخبرنا أنه يوجد في مصر حوالي 15.5 مليون نخلة ويقدر متوسط الجريد المهدر من النخلة الواحدة بحوالي 20 كيلو، أي نحو 375 ألف طن سنوياً؛ يتم استغلال حوالي 10% فقط منها والباقي في الغالب يتم حرقه.

لكن، ما هي العملية المتّبعة من أجل إعادة تدوير النخيل؟ يشرح لنا الأمير «تختلف تكنولوجيا تحويل المخلفات الزراعية إلى منتجات أولية بحسب نوع المخلفات؛ معظمها يتم فرمها وكبسها في ألواح أو مصبعات الوقود وغيرها من الاستخدامات. أما في حالتنا، فنحن نقوم باستخراج قلب جريد النخل من دون تغيير خواصه الميكانيكية والكيميائية ومن دون فرمه وتغيير شكل أليافه.

وتتنوّع هذه المنتجات النهائية، فنجد الأبواب وتجليد الجدران وإكسسوارات الديكور مثل الساعات وبراويز المرايات وغيرها. يسعى القيّمون على «جذور» حالياً إلى إثبات قدرة خشب جريد النخل على المنافسة بجودته ومتانته وشكله المميز، سواء في السوق المحليّ أو الخارجي لاسيما الخليجية منها التي تهتم بقيمة النخيل أكثر من غيرها.

«الدافع الرئيسي وراء إنشاء شركة «نباتا» هو مساعدة مديريتي الزراعة والبيئة في التخلص الآمن من مخلفات النخيل التي تعتبر ثروة قومية لمحافظة أسوان، حيث يبلغ تعداد النخيل فيها مليون وثمانيمئة ألف نخلة تنتج 105 آلاف طن من المخلفات سنوياً تُسبب الكوارث البيئية والزراعية للمحافظة»، بهذه العبارة يُعرّف إسلام ياسين، المؤسس، عن شركته مضيفاً أنه يسعى أيضاً إلى «توفير فرص عمل حقيقية وخاصة للفتيات والسيدات في المناطق الأكثر تهميشاً واحتياجاً في صعيد مصر».

وبالفعل مساعدة وتمكين السيدات في صعيد مصر ينعكس أيضاً في فريق العمل المؤلف من 36 فتاة وسيدة يعملْن، بحسب ياسين، «في وحدات إنتاجية حيث تم تأهليهنّ وتدريبهنّ فنياً وتقنياً واجتماعياً أيضاً لكي يتمكنّ من العمل لدى «نباتا» بأسلوب علمي منظّم بالإضافة إلى ثلاثة منهنّ يعملْن في التسويق والبيع».

ويعود بنا ياسين إلى الوراء وتحديداً إلى مارس 2015 عندما بدأ يُنفّذ حلمه بتأسيس «نباتا»، ليخبرنا أن أهدافه تبقى «إحياء وتنمية هذه الصناعات وتحويلها إلى مشروع مؤسسي قادر على المنافسة والاستمرار وتشغيل أجيال جديدة بعد تدريبها وتقديم كافة الخدمات لها، وزيادة دخل الأسر والارتقاء بمستواها مادياً بتوفير فرص عمل للأكثر احتياجاً في المشروع، وزيادة التصدير للخارج مما يساعد على إدخال العملات الأجنبية لمصر ونشر الهوية المصرية التراثية، وإشباع السوق المحلي والعالمي بالمنتجات اليدوية، والتخلص الآمن لـ 30% من مخلفات النخيل بالمحافظة وتحويلها من مشكلة إلى مورد».

أما في ما يتعلق بطريقة معالجة النفايات، فيخبرنا ياسين أن كل الخطوات يدوية ولا تتّبع تكنولوجيا.

بعد هذه العملية اليدوية، تتحول النفايات إلى منتجات يدوية يستهويها كل المهتمين بهذا النوع من المنتجات داخل مصر إضافة إلى السياح المهتمين بالتراث الحضاري. وهنا يخبرنا ياسين «خلال عام 2016، قمنا بإعادة تدوير 180 طناً من النفايات وببيع 2400 قطعة في العام ذاته».

يتّفق كل من ياسين والأمير على استدامة مشاريعهما، وهي استدامة أكيدة وإنما بثمن ، فالتحديات التي يواجهها رواد الأعمال الذين يخوضون هذا المجال ليست قليلة.

 


 

Email