الحدّ من انتشار الضباب الكهرومغناطيسي

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

جميع الأجهزة التي نستخدمها اليوم، بدءًا من الهواتف الذكية وحتى أجهزة تبريد الهواء في المنازل، تعتمد على إنتاج البيانات. ويؤدي ذلك على الأرجح إلى تكوين نوع من الضباب الدخاني الإلكتروني الذي ينتشر فوق المدن الذكية بما تحتوي عليه من إشارات المرور الرقمية والبنية التحتية القائمة على أجهزة الاستشعار.

في عالمنا المعاصر الذي يزداد ترابطًا يومًا بعد يوم والذي تتصل فيه ملايين الأجهزة يوميًا بالإنترنت، أصبحنا ننتج كميات هائلة ومثيرة للقلق من الإشارات اللاسلكية. من هنا كان لا بد من تسليط الضوء على مخاطر «الضباب الدخاني الكهرومغناطيسي». وبدايةً، يُشير مصطلح «إنترنت الأشياء» إلى جميع الأجهزة الإلكترونية وأجهزة الاستشعار وغيرها من الأجهزة الرقمية الذكية المتصلة بالإنترنت من حولنا.

الاتصال بالبيانات وبدء التشغيل

بدءًا بالتوربينات الصناعية ووصولًا إلى الثلاجات الكهربائية وكاميرات المراقبة في مراكز التسوق، يمكن لأي جهاز أن يندرج تحت قائمة «إنترنت الأشياء» فور اتصاله بالبيانات وبدء تشغيله.

تكمن المشكلة في أن جميع الأجهزة التي نستخدمها اليوم، بدءًا من الهواتف الذكية وحتى أجهزة تبريد الهواء في المنازل، تعتمد على إنتاج البيانات. ويؤدي ذلك على الأرجح إلى تكوين نوع من الضباب الدخاني الإلكتروني الذي ينتشر فوق المدن الذكية بما تحتوي عليه من إشارات المرور الرقمية والبنية التحتية القائمة على أجهزة الاستشعار. فالتقنيات اللاسلكية تعني أننا محاطون بكمّ هائل من الإرسالات اللاسلكية، سواء من استخدام شبكات النظام العالمي للاتصالات المتنقلة، أو سمّاعات الرأس المزودة بتقنية البلوتوث، أو السمّاعات اللاسلكية، أو أجهزة التوجيه الشبكي اللاسلكية المنتشرة في جميع المنازل والمتاجر والمكاتب.

وفي إطار السعي نحو التخلص من هذا الضباب الدخاني الرقمي، تعمل شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة (دو) في دبي حاليًا على تطوير تقنية جديدة تسمى «لاي فاي» والتي من شأنها أن تعمل على تحسين بعض الجوانب المرتبطة باستخدام «إنترنت الأشياء». وتُشكل هذه الخطوة نقلة مهمة نحو علاقة التكنولوجيا بالبيئة.

ما هي تقنية لاي-فاي؟

«لاي-فاي» هي تقنية اتصالات لاسلكية ضوئية توفر إمكانية نقل البيانات بسرعة فائقة، حيث تعتمد على استخدام الصمامات الثنائية الباعثة للضوء والمزودة برقاقة صغيرة تسمح بنقل البيانات بين مصابيح الصمامات الثنائية والمستقبلات الضوئية المُبرمجة مسبقًا.

تستخدم تقنية اللاي-فاي تقنيات الطيف الضوئي المرئي التي تتميز بأنها لا تتأثر بموجات الراديو. ومن هنا اشتهرت تقنيات الطيف الضوئي المرئي بقدرتها على تقليل ما يُطلق عليه الضباب الدخاني الكهرومغناطيسي.

يقول أيمن جبارين، النائب الأول لرئيس شركة «سيربا» في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، وهي شركة متخصصة في تقديم حلول مراقبة البنية التحتية المحددة بالبرمجيات: «مما لا شك فيه أن البيانات تحيط بنا من كل جانب وأن البرمجيات تدير عالمنا اليوم».

وأضاف: «تروقني كثيرًا فكرة الربط بين علم البيئة والتكنولوجيا، لأنها تسلّط الضوء على المسؤولية التي نتحملها كمستهلكين وشركات في ما يتعلق بآثار استخدامنا للبيانات على العالم من حولنا. فالضباب الدخاني الإلكتروني بات واقعًا لا مفرّ منه يحتّم علينا التعامل معه عاجلًا وليس آجلًا.».

يُمكن تطبيق فكرة «نظافة البيانات» التي تقوم عليها تقنية «لاي-فاي» بنجاح على ذلك العدد المتزايد من البيئات القائمة على إنترنت الأشياء في منطقة الشرق الأوسط، وبخاصة في تلك المناطق التي تحتوي على عامل خطورة مثل مصافي النفط والمنشآت البتروكيماوية.

تحدّث سليم البلوشي، النائب التنفيذي للرئيس لتطوير الشبكة والعمليات في شركة (دو)، عن حماسه لاستخدام تقنية لاي-فاي والجهود الحثيثة التي تبذلها الشركة حاليًا لتطوير وتنفيذ الحلول المُصممة خصيصًا لهذا المجال.

العقبات المرتبطة بالتقنية الجديدة

لا شك في أن تقنية اللاي-فاي تنطوي على بعض القيود والتحديات، إذ إنها تعمل ضمن «خط البصر» لأنه لا يمكن للضوء المرئي اختراق الجدران. ولهذا السبب ربما لن نتمكن في القريب العاجل من استخدام هذه التقنية داخل المنازل والمكاتب بدلًا من تقنية الواي-فاي، لكن استخدامها في حالات محدودة سيظل قائمًا. يقول أميت ستارك، نائب رئيس المنطقة بشركة الحوسبة السحابية «سيرفيس ناو»: «دائمًا ما تحاط البروتوكولات والمنصات الجديدة الخاصة بإرسال البيانات بهالة من التشويق، وخاصةً في مراحل تطويرها الأولى، كما هو الحال مع تقنية لاي-فاي.».

وأضاف ستارك: «ستستمر أعمال التطوير بالمدن الذكية في منطقة الشرق الأوسط في البحث عن المزيد من القدرات وإمكانات الاتصال والطاقة الإنتاجية. وهو ما يعني أننا سنواصل العمل على تطوير الجيل الجديد من تقنية الواي-فاي والذي يعتمد على سرعة الضوء. وأهم ما في الأمر الآن أننا نراعي مفاهيم الأمن والسلامة منذ المراحل الأولى للتطوير.».

مستقبل الاتصالات

كثيرًا ما يتحدث مراقبو الصناعة عن وجود «عجز في عرض النطاق الترددي على مستوى العالم» في الوقت الذي يبذل فيه الباحثون قصارى جهدهم لاكتشاف سبل جديدة لزيادة سعة قنوات البيانات التي نستخدمها حول العالم. فتطوير تقنية اللاي-فاي قد يوفر حلًا لجانب واحد فحسب من المشكلة ككل، إلا أن الجهود المبذولة والتي انطلقت من دولة الإمارات العربية المتحدة ستساعد بلا شك على إيجاد حل شامل.

في الوقت الراهن، كلّ ما علينا هو ألا نستهين بالكم الهائل من البيانات الذي يدور حولنا أثناء استخدامنا للإنترنت. وعلينا أن نسأل أنفسنا: «هل نستخدم الإنترنت لغاية مفيدة أم نساهم فحسب في زيادة الضباب الدخاني الكهرومغناطيسي؟».

* متخصص في شؤون تطوير البرمجيات وإدارة المشاريع والتكنولوجيا

 

 

Email