الطاقة النظيفة توفّر حلاً لندرة المياه النقية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

استهلاكنا من المياه أعلى بكثير مما تنتجه الأمطار والوضع في منطقة الشرق الأوسط لا يخفى على أحد. أما الوضع في كل من جنوب آسيا، وأفريقيا، وأميركا الشمالية فينذر بوقوع كارثة؛ لأنه بحلول عام 2030، سيعاني 4 مليارات شخص من ندرة المياه.

تشير التوقعات إلى أن نصف سكان العالم سيعانون من ندرة المياه الصالحة للشرب بحلول عام 2030، وهي المشكلة التي يسعى أحد المخترعين الآن إلى حلّها باستخدام جهاز لتنقية المياه، يعمل بالطاقة الشمسية.

مما لا شك فيه أن جميع رواد الأعمال يضعون النجاح نصب أعينهم، غير أن الضغوط الواقعة على ويليام جانسن ربما تكون أكثر من أي شخص آخر؛ لأن النجاح هو الخيار الوحيد أمام مشروعه.

يعمل ويليام، وهو هولندي يبلغ من العمر 48 عامًا، رئيسًا تنفيذيًا لشركة «ديسولينيتور Desolenator»، التي تتخذ من لندن مقرًا لها، والتي نجحت في تطوير جهاز محمول يعمل بالطاقة الشمسية لتحلية المياه المالحة أو الملوثة.

يحتاج جهاز «ديسولينيتور» إلى الطاقة الشمسية فحسب، ويمكنه أن ينتج حتى 15 لترًا من المياه النظيفة يوميًا؛ وهي كمية تكفي لتلبية احتياجات الشرب وطهي الطعام لأسرة مكونة من خمسة أفراد. يستخدم الجهاز لوحًا شمسيًا يعمل على تسخين المياه غير النقية، فضلًا عن إنتاج الكهرباء اللازمة لرفع درجة حرارة الماء إلى الغليان، على أن يتم في نهاية الأمر جمع وتكثيف البخار الذي يكون صالحًا للاستخدام البشري.

لا شك في أن هناك حاجة ملحة لاختراع كهذا؛ لا سيما أن 1.2 مليار شخص على الأقل، أو ما يقارب خمس سكان العالم، يعيشون في مناطق تعاني من ندرة المياه، بينما يُتوقع أن يُلاقي 500 مليون شخص آخرين المصير نفسه بحسب إحصاءات الأمم المتحدة.

إنها مشكلة كبرى تتطلب حلًا جذريًا، وهو ما يراه السيد ويليام جانسن في اختراعه. قام جانسن منذ بضع سنوات ببناء نموذج أولي للجهاز في منزله بأبوظبي الذي يقيم به، بعد حصوله على براءة اختراع لهذه التقنية عام 2012.

الأساس الذي تقوم عليه هذه التقنية جاهز الآن بالفعل، ومن المتوقع أن يبدأ استخدام الوحدات الأولى للجهاز في الهند خلال العام المقبل. ويدرك جانسن تمامًا مدى أهمية نجاح هذا الجهاز والإسهام في حل أزمة المياه الكارثية في العالم، حيث صرّح في مقابلة معه: «لا بدّ لهذا الجهاز أن يعمل».

كما أضاف: «إن استهلاكنا من المياه أعلى بكثير مما تنتجه الأمطار، والوضع في منطقة الشرق الأوسط لا يخفى على أحد. أما الوضع في كل من جنوب آسيا، وأفريقيا، وأميركا الشمالية فينذر بوقوع كارثة؛ لأنه بحلول عام 2030، سيعاني 4 مليارات شخص من ندرة المياه».

شاركت شركة «ديسولينيتر» مؤخرًا في برنامج «Unreasonable Impact»، وهو برنامج لتسريع الأعمال يركز على الشركات التي تستهدف حل المشكلات العالمية، والذي عُقد في «باث» بالمملكة المتحدة. ألقى جانسن كلمة في هذه الفعالية أشار خلالها إلى ما يميز هذه التقنية عن الحلول الأخرى المستخدمة حاليًا والتي تستهلك كميات هائلة من الطاقة.

«يمكن للأشخاص استخدام هذا الجهاز لتنظيف مياه الآبار، أو المياه المالحة، أو المياه الملوثة، وأي نوع آخر من المياه، وهو خيار غير متوفر حاليًا».

وأشار جانسن إلى أنه تم الانتهاء حاليًا من العمل على تصميم «المحرك الرئيس» للجهاز والذي تصل أبعاده إلى 140x100 سم، ولكي يعمل الجهاز، فإنه يحتاج إلى كمية كبيرة من أشعة الشمس، ولذا لا يمكن عمله عندما يكون الجو ملبدًا بالغيوم.

وتسعى الشركة حاليًا إلى الحصول على تمويل إضافي لبدء علمية الإنتاج، بعد أن تمكنت إلى الآن من جمع نحو 500,000 جنيه استرليني، جاء أغلبها من حملة تمويل جماعي انتهت في أوائل عام 2015.

وأشار جانسن إلى أنه سيتم توزيع الجهاز للمرة الأولى في مطلع العام المقبل، وذلك في إحدى المناطق بولاية أوديشا التي تقع شرق الهند. ويتم تنفيذ هذه المبادرة في إطار مموّل من إحدى مؤسسات البنك الدولي، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، ووزارة التنمية الدولية البريطانية.

وقال جانسن: «الوضع في بعض الأماكن (في تلك المنطقة بالهند) سيئ للغاية، لأن آبار المياه ملوثة وهو ما يسبب معاناة كبيرة للسكان هناك، ولذا ستشهد هذه المنطقة إطلاق الجهاز».

وسوف يتم اختبار خمس وحدات من الجهاز أولًا، يليه اختبار 25 وحدة أخرى، في الوقت الذي يتم فيه العمل على إطلاق مشروع تجريبي آخر في منطقة قريبة من بحيرة توركانا شمالي كينيا.

وستعتمد فترة الاختبار بشكل رئيس على دراسة كيفية جمع «مبالغ بسيطة للغاية» من المستخدمين، وذلك من خلال جهاز حاسوب موجود على الجهاز ومزود بإحدى بطاقات النظام العالمي للاتصالات المتنقلة (GSM). وأشار جانسن إلى أن جمع الإيرادات سيكون جزءًا لا يتجزأ من إطلاق هذه التقنية على نطاق واسع في المستقبل؛ حيث قال: «الحصول على المياه النظيفة له ثمن. صحيح أنه ثمن زهيد، لكن لا بد أن يكون له ثمن».

وأكّد جانسن أن هذا الاختراع يتماشى مع التفكير الحالي في طريقة تقديم المساعدات التنموية، والتي يرى أنها تبتعد عن تقديم الخدمات بالمجان، وتتحرك بدلًا من ذلك نحو تجميع المساهمات ممن يحصلون على الخدمات في نطاق قدراتهم. وأضاف أن منظمات المساعدات الإنسانية «ستواصل أداء دور محوري» في نشر التكنولوجيا على نطاق واسع.

وسوف تختلف تكلفة استعمال جهاز «ديسولينيتر» من مكان لآخر، لكن جانسن أشار إلى أن السعر سيبدأ من سنت واحد تقريبًا للتر الواحد، أي دولار أميركي واحد لكل 100 لتر.

وقال جانسن أيضًا إنه يرى «طلبًا متزايدًا على الجهاز في الدول المتقدمة»، وخاصة من جانب المخيّمين ولاستخدامه في أنشطة مختلفة مثل اليخوت، وهنا يتوقع أن يتم بيع الجهاز مقابل 1,000 دولار أميركي أو أكثر، إلا أن الاستخدامات الأساسية للجهاز ستكون في المناطق التي تعاني من ندرة المياه بشكل حاد، وفي المناطق التي تنوي الشركة أن تبني فيها- بمرور الوقت- وحدات أكبر من الجهاز لخدمة عدد أكبر من السكان.

واختتم جانسن: «لا يوجد أمامنا خيار آخر، فمع زيادة الأشخاص، الذين يمكن أن يعانوا من هذه الأزمة، يصبح نجاح الجهاز ضروريًا للغاية، فليس أمامنا بديل آخر».

متخصص في شؤون التجارة والابتكار في الشرق الأوسط

 

Email