تولى رئاسة الجزائر من دون منافسة عليها وأتاح التعددية السياسية

وفاة الشاذلي بن جديد عن 83 عاماً

الشاذلي بن جديد في صورة تعود إلى مارس آذار 2010 أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

غيب الموت، أمس، الرئيس الجزائري الأسبق، الشاذلي بن جديد، عن 83 عاماً، في المستشفى العسكري محمد الصغير النقاش في عين النعجة (الجزائر)، بعد تدهور حالته الصحية، وكان قد أدخل المستشفى منذ أزيد من أسبوع.

وولد بن جديد الذي ترأس الجزائر بين 1979 ويناير 1992 في بلدة السبعة في ولاية الطارف (شرق )، وعمل في شبابه في شركة متخصصة في صناعة التبغ، قبل أن يلتحق بداية 1955 بالثورة التحريرية، ولم يكن قبلها جندياً في الجيش الفرنسي. وفي أثناء مشاركته في الثورة، تم تعيينه مسؤول ناحية في القاعدة الشرقية، ثم نائباً لمنطقة العمليات الشمالية، ومباشرة بعد إعلان استقلال البلاد في 1962.

كان أول ضابط في القاعدة الشرقية يدخل إلى التراب الوطني، للقيام بتحضير دخول جيش الحدود، ليتم بعد ذلك تعيينه قائداً للناحية العسكرية السادسة، قبل أن تتحول إلى الناحية العسكرية الخامسة، ومقرها قسنطينة حالياً، حيث أشرف على إجلاء الجيش الفرنسي من مناطق الشمال القسنطيني. وفي ،1964 تم تعيين الشاذلي بن جديد قائداً للناحية العسكرية الثانية في وهران.

وأشرف وبشكل فاعل في انقلاب هواري بومدين على أحمد بن بلله في يونيو 1965، ثم أشرف مباشرة على إجهاض انقلاب العقيد الطاهر الزبيري في 1967، وفي 1968 أشرف على إجلاء القوات الفرنسية من قاعدة مرسى الكبير البحرية.

وروى مقربون من الراحل أنه، في السبعينيات من القرن الماضي، كان من أكبر معارضي مخططات أطلقها الرئيس بومدين، في المجالين الزراعي والصناعي وخصوصاً الثورة الزراعية، حيث كان من دعاة إصلاح زراعي شامل، يقوم على أساس تمليك الأرض للفلاحين الذين يستغلونها، فضلًا عن رفضه سياسة "الصناعة المصنعة" التي أشرف عليها وزير الصناعة والطاقة، في عهد بومدين، بلعيد عبد السلام، وكانت في نظر الشاذلي بن جديد، تراكماً للخردة، على الرغم من الصداقة والأخوة الحميمة التي كانت تجمعه ببومدين.

وكشف الدكتور عبد العزيز بوباكير، كاتب مذكرات الرئيس الأسبق، لـ"البيان"، أن هواري بومدين وبعد أن اشتد به المرض وتم نقله في رحلة العلاج الأخيرة إلى موسكو، قام بتعيين العقيد الشاذلي بن جديد مسؤولًا على الأجهزة الأمنية من مخابرات ودرك وشرطة وجيش.

وهو قرار حاول مرافقون لبومدين في موسكو إخفاءه عن الشاذلي، لإبقاء القرار حبراً على ورق ومنع تنفيذه. وبعد وفاة بومدين، بدأت معركة السباق لخلافته، ولم يشارك فيها العقيد بن جديد، وكانت المعركة حامية بين كل من يحياوي محمد الصالح وقائد الدرك الوطني وقتئذ العقيد بن شريف، وبلعيد عبد السلام والرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة وعبد الغاني بن أحمد، إلا أن القدر حكم بغير ذلك، وأصبح العقيد الشاذلي بن جديد قائد الناحية العسكرية الثانية رئيساً للبلاد.

بعد وصوله إلى الحكم، شرع الشاذلي في تنفيذ واحدة من أعقد المهام التي عارضها بشدة حزب جبهة التحرير (الحاكم)، وهي فك الارتباط الوثيق بين الجزائر والاتحاد السوفييتي، وحاول التعويض عن ذلك بتنويع علاقات الجزائر الخارجية، وخصوصاً مع الدول الغربية، فقام بأول زيارة خارجية له إلى بروكسل، وبعدها زار الولايات المتحدة في 1986، وهي زيارة فتحت عهداً جديداً في علاقات الدولتين.

سنتان بعد ذلك، أقدم الرئيس الشاذلي على أخطر مغامرة منذ توليه الحكم، وهي إصدار دستور فبراير 1989، وإطلاق حريات سياسية وإعلامية واقتصادية غير مسبوقة، سببت له متاعب كثيرة مع المحافظين في الدولة والحزب، لكنه واصل العملية عن قناعة راسخة بأن الشعب الجزائري أصبح ناضجاً ليتولى حكم نفسه، ودام الحلم أزيد من عامين تقريباً، قبل أن يتم وأده بعد توقيف المسار الانتخابي، يومها قرر الانسحاب والعزلة والتزام بيته بعد أن أطلق عبارته "عندما وقع الاختيار بين الكرسي والضمير اخترت الضمير"، مفضلًا الاستقالة عن إطلاق الرصاص ضد الشعب.

Email