بعد كل زيارة إلى باريس، أجدني مسوقاً إلى الكتابة عن فرنسا، فأتحدث عن وجه خفيّ عنّي، أو عن جانب لم أكتشفه، أو عن منجز فاتني الكلام عليه. وأنا معنيّ بالشأن الفرنسي، نظراً لإسهام فرنسا الكبير في تكوين العالم الحديث عبر إبداعاتها واختراعاتها
هل خسر الحوثيون رهانهم في الاستيلاء على اليمن لإقامة دولتهم الفاضلة المزعومة؟ الحروب هي رهانات بوصفها خططاً واستراتيجيات. والواحد قد يربح وقد يخسر، ولكن القضية في مشروع الحوثيين هي في أنها ليست مجرد رهان، بل مغامرة غير محسوبة قادتهم إلى
هل كنا ننتظر تصريح المسؤول الإيراني، علي يونسي، حول قيام الإمبراطورية الإيرانية وعاصمتها بغداد، لكي ندرك طبيعة المشروع الإيراني وخطورة الدور الذي يمارسه أصحاب هذا المشروع في العالم العربي؟ من فوجئ بالتصريح إما منافق وإما جاهل أو غافل.
حياة المرء هي نظر وذوق، بقدر ما هي مفهوم وأسلوب. وهي تأمل وتخيّل، بقدر ما هي هوى وشغف أو وجد، ومتع الحياة أن يمارس الواحد حيويته الوجودية بكل أبعادها العشقية والفنية والمعرفية، والسلطوية. فللعشق سلطانه، وللفن سطوته، تماماً كما أن للمعرفة
الرابع عشر من فبراير هو يوم لا ينسى، بالنسبة إلى اللبنانيين، ليس لأنه يصادف يوم الحب، بل لأنه في هذا اليوم، وقبل عشر سنوات، جرى اغتيال رجل سياسي كبير، هو رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري. وهذا الحدث هو مفصلي في تاريخ لبنان، وفي تاريخ
لقد ودعنا العام المنصرم بمجزرة مروعة راح ضحيتها أكثر من 140 تلميذاً في مدرسة بكابول عاصمة باكستان. وها نحن نستقبل العام الجديد بمجزرة فظيعة كانت حصيلتها تصفية 12 شخصاً من أسرة صحيفة (شارلي إيبدو) في قلب باريس عاصمة فرنسا، وهكذا، نحن نعيش
لا شك أن العام الذي نودّع كان من أسوأ الأعوام بعنفه ووحشيته، إذ انتهى بجملة مجازر كان أكثرها همجية تلك التي نفذها الطالبانيون في مدرسة باكستانية، وراح ضحيتها أكثر من 140 تلميذاً. وهكذا يتحول طلاب العلوم الدينية، كما تعني أصلاً كلمة «طالبان
«رأس المال في القرن الواحد والعشرين»، هو كتاب صدر قبل عام لمؤلفه عالم الاقتصاد الفرنسي توماس بيكتّي. وقد أمضى الرجل سنوات طوالاً يجمع المعطيات، وعلى مدى ثلاثة قرون، لكي يخرج بدراسة مطوّلة حول نشوء الرأسمالية، في المجتمعات الصناعية، يكشف
فقد لبنان، تباعاً، عدداً من كبار أدبائه وكتابه ومثقفيه، كان آخرهم الشاعر سعيد عقل. وسعيد عقل لا يحتاج إلى ألقاب، إذ يكفي أن يحضر اسمه حتى تقفز إلى ذهن السامع جملة من المعاني، منسوجة من مفردات الخلق والتفرد أو الاعتداد والكبرياء والعنفوان
كانت لي زيارة لإمارة الشارقة، ولكن بعد 14 عاماً، لكي أشارك، كما المرة الأولى، في معرض الكتاب في دورته الثالثة والثلاثين. وقد فوجئت بالتغير الهائل الذي طرأ على هذه الإمارة، إذ لحقت بشقيقتيها دبي وأبوظبي، من حيث التطور الحضري والازدهار
لا يحيا المرء حياته على بُعد واحد، لأن الوجود متعدد الأبعاد والوجوه والمستويات. والعاقل، بل صاحب الحظ السعيد، هو من يحسن التوليف بين أبعاده المختلفة وميوله المتعارضة، لكي يحيا حياة سوية، متوازنة، منسجمة، وبما يتيح له ممارسة حيويته الوجودية
كان اليمن في أسوأ أحواله في ظلّ حكم الأئمة من آل حميد الدين: بلد في أدنى السُلَّم الحضاري يعيش أهله في سجن بشري محصّن ضد أي اتصال أو احتكاك بما يجري في العالم من تطور وتقدّم أو تمدّن. ولكن التغيّر هو من سُنَن الحياة وقوانين التطور. حتى
أذهب إلى السويد فأجدني أنتقل، فجأةً، من عالم إلى عالم آخر. أقصد من عالم الضجيج والدجل والصخب والاغتصاب والعنف والقتل، إلى مجتمع تسود فيه ثقافة الهدوء والسكينة والسلم، واحترام القواعد والقيم التي تسير الحياة والتي هي ليست نهائية، بل قابلة
تتوالى الأحداث في لبنان والمنطقة، وكلها يستحق القراءة والتعليق، على سبيل الفهم والتدبّر، بالكشف عمّا يُمارسه أصحاب الدعوات والمشاريع، من أشكال الاحتقار والمصادرة، أو من فنون الخداع والشعوذة. في لبنان حصل ما كان منتظراً، فبعد انتهاء ولاية
بعد صدور كتابي «ملاك الله والأوطان»، نشرت عنه مقالة في جريدة «الحياة» بقلم الكاتب خالد غزال. وكان الشاعر والصحافي عبده وازن قد اتصل بي، ليقول إنه من الأنسب نشر المقالة بحذف العنوان الرئيس، والإبقاء على العنوان الفرعي: (الهشاشة/ المفارقة/
بعد انفجار الثورة في تونس وفي مصر، اعتقد الكثيرون أن الحدث يمكن أن يتكرر في سوريا، إذ يكفي أن تندلع الشرارة في مكان، لكي يخرج الشعب من سجونه ويسقط نظام الحكم بأقل التكاليف. غير أنه كان من التبسيط الفادح المقارنة، على سبيل المماهاة، بين
غالباً ما تكون الاتفاقات التي تجري بين الدول، أو على مستوى دولي، مادة للتفسيرات المتباينة، حتى ولو كان الاتفاق واضح البنود أو مصاغاً صياغة نهائية، فكيف إذا كنا إزاء اتفاق أولي، كالاتفاق الذي عقد بين إيران والدول الست، بشأن البرنامج النووي،
هل ثمّة معنى للكتابة عن الاستشراق والعنصرية والإمبريالية والمركزية الغربية، بعد كل هذه الحروب الأهلية، العربية، التي تجاوزت بفظائعها ومآسيها وهمجيتها وضحاياها حروب الاستعمار أو الحروب بين العرب وإسرائيل؟ لنعترف: نحن نفتقر إلى المصداقية في
لم يكن عرب الجاهلية في غالبيتهم من أهل الكتاب، ثمّ جاءت الدعوة الإسلامية كمتممة للديانة التوحيدية الإبراهيمية (بجناحيها اليهودية والمسيحية). وقد استطاع العرب بفضل هذه الموجة الجديدة، الخروج من جزيرتهم وهامشيتهم، لكي يتصدروا العمل الحضاري
عندما أقول لصاحبي إنني ذاهب إلى باريس، يردّد على الفور بيتاً من قصيدة لشاعر لبناني، بالعامية، قاله في مديح زعيمه الذي غضبت عليه فرنسا، عندما كانت تدير شؤون لبنان تحت مسمى "الانتداب"، في النصف الأول من القرن العشرين. والبيت هو: "باريس مربط
فوجئت عندما وقع نظري على رواية "جيرترود" لحسن نجمي، لعلمي بأنه شاعر بالدرجة الأولى. ولكنه بدا لي روائياً من طراز رفيع في هذه الرواية، التي تدور في مجملها حول العلاقة التي ربطت بين الشاب المغربي "محمد" وبين الكاتبة والرسامة الأميركية "
فيما كنت أتحدث ذات حفل، عن نشأتي الأولى في بيئتي التي كانت محافظة متشددة، بدأت بالكلام على ذلك الطفل الذي كنته، وكان يخشى أباه ودينه ومعلّمه؛ والثلاثة يجسدون السلطات الثلاث التي تزرع الخوف في نفوس الصغار لتختم على عقولهم بمحرّماتها
أحدث انتخاب الشيخ حسن روحاني رئيساً للجمهورية في إيران، فرحاً عارماً في الشارع الإيراني، سيما في أوساط الإصلاحيين الذين اعتبروه نصراً على التيار المحافظ، يفتح باباً لمعالجة الأوضاع الاقتصادية المأزومة، أو الاستجابة لما تطمح إليه الشرائح
هناك مثقفون عرب يتحدثون عن تركيا بتناسي واقعها الراهن، ولذا نراهم ينبشون الذاكرة المريضة، لاستحضار الصور النمطية السلبية التي تكونت في الأذهان عن تركيا في أزمنة السلطنة العثمانية. وهم يفعلون ذلك للتسّتر على دعمهم لأنظمة الاستبداد والفساد
قلّما يتفق الفلاسفة مع ما تراه مجتمعاتهم أو مع ما يراه الناس عامة، ولذا فإنهم يثيرون الجدل، أو الصدمة بآرائهم ومواقفهم، وهذا ما أحدثته الفيلسوفة حنا أرنت (1906 1975) في حياتها. واليوم يثار الجدل حولها، مجدداً، بمناسبة إخراج فيلم يروي قصتها
لماذا أخفق مشروع النهضة والتنوير في العالم العربي؟ هذا السؤال كان محور إحدى الندوات الفكرية التي عقدت في مهرجان الجنادرية للثقافة والتراث، الذي يقام كل عام في مدينة الرياض. فهذا السؤال الذي لا ينفك يتجدد، في ضوء الإخفاقات والخيبات أو
تبدو الأزمة في سوريا مستعصية على الحل، بعد أن أصبح هذا البلد العربي فريسة لحرب مركبة، طاحنة ومدمرة، تدور على مستويين: الأول هو الصراع الدموي على مستوى الداخل، بأبعاده الطائفية والعرقية والقبلية، بين النظام الأمني والمعارضة بمختلف فصائلها
ما هي الحصيلة بعد عامين من اندلاع الثورات العربية؟ أين صارت؟ ماذا حققت؟ وأين أخفقت؟ هذه قراءة في ما حدث وما ينفك يحدث ويتشكل أو يتغير ويتحول، على سبيل المراجعة النقدية، ومن غير وجه: * أطلق على الثورات العربية اسم "الربيع العربي"، وهو اسم
الليبرالية هي كسواها من العناوين التي تُحيل إلى تيار أو نظرية أو نموذج، لا تنفك تثير الأسئلة وتشكّل مادة للنظر والتأمل، بقدر ما يلتبس مفهومها وتتعدد تعريفاتها أو دلالاتها. ثمة محاولة في هذا الخصوص لعالِم الاجتماع الفرنسي جوفروي دي
سألني متدّخل، ذات ندوة، سؤال المستفهم والمعترض، حول موقفي النقدي من الفيلسوف وعالم الاجتماع الذي بات بغنى عن التعريف: بيار بورديو (1928-2002)، وما ذكرته أن موقفي منه هو مزدوج. فأنا أفدت من المفاهيم التي بلورها وصاغها حول الواقع الاجتماعي
لا تتوقف العلوم عن التطور والتجدد، وبإيقاع سريع، تمشياً مع العصر المتسارع في كل الميادين. يتجلى ذلك في ما نشهده من انبثاق فروع معرفية جديدة في مختلف الحقول العلمية، وعلى نحو يسهم في التغطية، معرفياً، لمجمل أنشطة الإنسان وتجاربه ومشاريعه.
رحل المفكر الفرنسي روجيه غارودي عن هذا العالم، بعد عمر مديد قارب المئة عام، وكانت حياته حافلة بمحطاتها العديدة وتقلباتها المفاجئة، كما بصخبها ومعاركها التي أثارت في وجهه العواصف والإشكالات.
أرجئ الحديث عن الفيلسوف روجيه غارودي الذي رحل مؤخراً، فالحدث المصري يفرض نفسه. وأنا كلبناني يعنيني ما يحدث في مصر، كأنه يحدث في لبنان، لما للدولة العربية الكبرى من الدور الفاعل والمؤثر، إيجاباً أو سلباً، حضوراً أو غياباً، على الساحة
المعجزة، بمفهوم الفعل البشري، هي عمل استثنائي وخارق، ولكن ليس لقوانين الطبيعة. إنها فعل بشري يُجترح معه الإمكان الذي يحوّل العجز إلى قوة، أو الخوف إلى جسارة، أو الأنانية إلى مأثرة.. أو هو صنع معايير وقواعد يخضع لها الفرد، ولو كانت لا تجلب
للفلسفة يومها العالمي كما تحتفي بها اليونيسكو، كل عام، في 22 نوفمبر، وفيه تقام ندوات فكرية في غير عاصمة أو بلد. ولكن الجزائر تحتفي، بهذه المناسبة، على طريقتها، إذ خُصص "يوم وطني" للفلسفة يقام في 25 من شهر إبريل/ نيسان، وقد شهدت دورة هذا
كنت أترقّب المناظرة التلفزيونية بين أبرز مرشحين للرئاسة في مصر، الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والاستاذ عمرو موسى. كانت المناظرة ناجحة، بقدر ما كانت عملاً لا سابق له. لقد فرحت لمثل هذا السبق الإعلامي الذي هو حدث استثنائي، بقدر ما هو مكسب ديمقراطي. ولا مبالغة في التوصيف؛ أن تحدث مناظرة على هذا المستوى الرفيع،
من المفارقات أنه مع انفجار وسائل الاتصال وتعاظم حركة الانتقال والتبادل، على المستوى الكوكبي، يزداد تشبّث الجماعات بخصوصياتها اللغوية والعرقية أو الدينية والطائفية، الأمر الذي يحول الهوية، أكانت تخص أكثرية أم أقلية، إلى مصدر للتوتر
ربما أخذ عليّ البعض أنني استعجلت في الحديث عن كتاب المؤرخ والفيلسوف مارسيل غوشيه، حول الأنظمة الشمولية التي شهدتها أوروبا، مع ظهور النازية والفاشية والستالينية.. خاصة أن الكتاب هو من العيار الثقيل، كما وصفته من قبل، ويحتاج إلى قراءة متأنية..
مع أن الديمقراطية هي فكرة قديمة تم اختراعها في زمن الإغريق، فإنها ما زالت تشكّل عنواناً من عناوين التقدم الحضاري، بقدر ما تشكل صيغة صالحة وفعالة للحكم وممارسة السلطة السياسية، أو لإدارة الشأن العام وتنظيم العلاقة بين قوى المجتمع المتعددة والمختلفة.
استفسر صاحبي عما إذا كنت سأكتب عن الحب هذا العام. بعد ذلك ألتقي بشخص لم أره منذ زمن، فيعرفني على أسرته، ثم يقول لي إن ابنته تجد صعوبة في استيعاب ما يقال عن "اللاوعي" في درس الفلسفة.
بعد الحديث عن الصحوة والاستكبار، أتوقف في هذه المقالة عند نظرية المؤامرة، التي تلقى رواجاً في الخطاب العربي السياسي والأيديولوجي ومفردة "المؤامرة" مشتقة من كلمة "الأمر"، وهي تعني الحال أو الحادث أو الشأن، وتعني بنوع خاص "الحكم".
ثمة مقولات رائجة في الخطاب السياسي والايديولوجي، العربي والإسلامي، تستخدم كأسلحة فكرية في السجالات والمناظرات حول الأحقية والمشروعية، كما تستخدم كأطر نظرية في تفسير الأحداث وقراءة المجريات، مثل نظرية المؤامرة، أو شعار الصحوة الإسلامية. أو
يقول لي صاحبي إنني أتفاءل كثيراً، عندما أتوقّع من الثورات العربية الجارية أن تنجح في تحديث المفاهيم وتجديد العناوين، أو في حمل الآخرين، أعني غير العرب،
تحرّر المرأة أم الرجل؟ أعود مجدداً إلى إشكالية السلطة والحرية، في ما يخص وجهاً من وجوهها: العلاقة بين الرجال والنساء. ولنقرأ ما حصل في فرنسا، مؤخراً، أعني الفضيحة الجنسية التي كان ضحيتها، بل بطلها، السياسي البارز والخبير المالي العالمي
عقدت في بيروت، بدعوة من مركز دراسات الوحدة العربيّة، ندوة حول أعمال الفيلسوف المغربي محمد عابد الجابري، شارك فيها عدد كبير من الباحثين والدارسين. أغتنم هذه المناسبة، لا لكي أتكلم عن أعمال الندوة، بل على العقل في العالم العربي، . كما
يأتي عيد «التحرير» في لبنان (25 مايو 2000)، والبلد أسوأ مما كان عليه قبل أحد عشر عاماً، أي عندما كان جزءٌ من أرضه تحت الاحتلال. يومها كان هناك إجماع على المقاومة، وفي السنوات الأولى التي تلت التحرير، كان العيد يحظى أيضاً بإجماع اللبنانيين
من المضحكات المبكيات أن الصراع الطائفي في مصر ينحدر إلى الحضيض، لكي يدور أحياناً على أمور مثل بناء كنيسة إلى جوار مسجد، أو زواج قبطي من مسلمة، أو اعتناق قبطية للإسلام. مثل هذه المسائل باتت تُشعل حرباً طائفية، كما جرى مؤخراً في أمبابه، حيث